إشراقة
تَهَادَوْا
تَحَابُّوا
عن أبي هريرة – رضي الله عنه – قال: قال رسول الله –صلى الله عليه وسلم-: «تَهَادَوْا تَحَابُّوا» (رواه البخاري في الأدب المفرد: 594، وقال ابن حجر: إسناده حسن، وأخرجه البيهقي في سننه الكبرى: كتاب الهبات، رقم الحديث: 11946).
ورواه
مالك في
الموطإ عن
عطاء بن عبد
الله الخراساني،
قال: قال رسول
الله –صلى
الله عليه وسلم-:
«تَصَافَحُوا
يذهب الغلّ،
وتَهَادَوْا
تَحَابُّوا وتذهب
الشحناء»
(الموطأ، باب
ما جاء في
المهاجرة،
رقم الحديث:16).
ولذلك
عَدَّ
العلماءُ
الهَدِيَّةَ –
وهي دفعُ عين
سواء كانت
مالًا أو سلعة
إلى شخص لمحبة
أو صداقة أو
علاقة –
سلاحَ المحبة
ومجلبةَ
المودة،
ومفتاحًا من مفاتيح
القلوب، وآلة
استئصال
للشحناء
والغل في الصدور،
ومكسبةً
للاحترام
والتقدير،
والصداقة
والشكر،
والمدح
والثناء، وكل
معنى جميل يُؤَصِّل
القيمَ
الإنسانيّةَ،
ويُمَثِّل الإعزازَ
والعرفانَ،
وأغلى
المشاعر
والأحاسيس،
ويُشْعِر
بالسعادة
والرضا
والارتياح
النفسي،
ويُقَوِّي
حسنَ الظن،
ويزرع
الألفةَ بين
الناس، ويفتح
القلوبَ
المُغْلَقَة،
ويُعِين على
تحقيق
المصالح
الإنسانية
العامة التي
جاء الإسلام
يدعو إليها،
ويُرَكِّز
عليها،
وينادي بها
بكل ما يتخذه
من أسلوب
لتعزيز معنى
من المعاني،
وقيمة من
القيم،
وحقيقة من
الحقائق الصارخة.
وبما
أن الهديّة
لها الأثر
الإيجابي
البالغ الساحر
في النفوس دعا
النبي –صلى
الله عليه وسلم-
أمتَه إلى
التهادي
وتبادل
الهدايا. وبما
أن التفاعل
يقتضي
الاشتراك
فاعليًّا من
الطرفين،
يدلّ الحديثُ
بجلاء على أنّ
الهدايا ينبغي
تَبَادُلُها
بين الناس،
ولايجوز ولايناسب
أن يُهْدِي
أحدٌ إلى أحد
شيئًا،
فيكتفي هو –
المُهْدَىٰ
إليه –
بقبوله، ولا
يَنْشَطَ
أبدًا إلى
إهداء تُحْفَة
إليه –
المُهْدِي – لأن
«التهادي»
كلمة صريحة
النصّ على كون
الهدية
مُتَدَاوَلَةً
بين الجانبين
ومُتَبَادَلَةً
بين الطرفين،
بحيث يكون
كلٌّ من المُهْدِي
والمُهْدَىٰ
إليه
مُتَعَاطِيًا
للأخذ
والعطاء،
ولايبقى
الآخذ آخذًا
مستلمًا فقط،
والمُعْطِي
مُعْطِيًا
دافعًا فقط؛
فالذي لا
يُذْعِن
لمُقْتَضَىٰ
كلمة
«التهادي»
الصريحة النص
الصارخة الدلالة،
فإنه يَشُذُّ
عن السنة التي
أرساها النبي
–صلى الله
عليه وسلم-
بقوله: «تَهَادَوْا
تَحَابُّوا»
وكأنّه يقف
حائلاً دون
تحقق
مُقْتَضَىَ
«تَحَابُّوا»
الذي كان ليتحقق
فيما إذا كان
قد تحقق
مُقْتَضَى
«تَهَادَوْا».
وقد
تَعَمَّدَ
النبيُّ –صلى
الله عليه
وسلم- أن ينشأ
الحبُّ
المُتَبَادَلُ
بين كل من المسلمين،
أي يحب كلُّ
فرد منهم أخاه
المسلمَ
بقلبه، ويحبّ
له ما يحب
لنفسه من
الخير. وقد
أَكَّدَتْ
أحاديثُ
كثيرة على
معنى الحبّ المُتَبَادَل
بين
المسلمين،
حتى يعيشوا
إخوةً
أشقّاءَ،
ويُحَقِّقُوا
جميعًا غرضَ
الرسالة
الإلهية،
فيَسْعَدُوا
ويَسْعَد بهم
المجتمع
البشري،
وتلجأ إليهم
الإنسانية
المنكوبة
المُعَذَّبَة
في المجتمع
غير الإسلامي
الذي لا يهتدي
بنور الله،
ولا يستضيء
بمشكاة
النبوة المحمدية
–
على صاحبها
ألف ألف تحية – .
والهديّةُ
إنما تُهْدَىٰ
إلى أحدٍ لكسب
المحبة
والألفة ونيل
الأجر والثواب
من الله –
عز وجل –
من غير طلب
ولاشرط؛
ولذلك ينبغي
للمُهْدَىٰ
إليه أن يجازي
المُهْدِيَ
بمثل ما
قَدَّمَه إليه
من الهديّة؛
فقد أخرج
البخاري –
رحمه الله –
حديث عائشة –
رضي الله عنها
–
قالت: «كان
رسول الله
–صلى الله
عليه وسلم- يقبل
الهديّةَ
ويُثِيبُ
عليها» أي
يجازي المهديَ
بهدية أيضًا
(رقم الحديث:2585).
وقد
كان رسول الله
–صلى الله
عليه وسلم-
يقبل الهديةَ
ولايقبل
الصدقةَ، ففي
الصحيحين:
«كان رسول
الله –صلى
الله عليه
وسلم- إذا
أُتِيَ
بطعام، سأل
عنه: أ هديّة
أم صدقة؟. فإن
قيل: صدقة. قال
لأصحابه: كلوا.
ولم يأكل. وإن
قيل: هدية. ضرب
بيده فأكل معهم»
(البخاري:2576؛
ومسلم: 1077، من
حديث أبي
هريرة –
رضي الله عنه).
ولإيجاد
الحب
والمودّة
والمواساة
بين المسلمين
حَثَّ النبي
–صلى الله
عليه وسلم-
على الإهداء
ولو بالقليل،
كما حَثَّ على
قبول الهديّة
تقديرًا
للمُهْدِي
واستجابة
للحبّ الذي
بَادَرَ به
إليه.
أخرج
البخاريُّ من
حديث أبي
هريرة –
رضي الله عنه –
قال: قال رسول
الله –صلى
الله عليه
وسلم-: «يا نساء
المسلمات لا
تَحْقِرَنَّ
جارةٌ لجارتها
ولو فِرْسِنَ
شاة»
(البخاري: 2566).
والفِرْسَنُ: طرف
خف البعير.
دَلَّ
الحديثُ على
تعاطي الهديّة
ولو كانت
متمثلة في شي
يسير قليل.
والحديثُ كما
حثّ على التهادي،
كذلك حثّ على
قبول الهدية
وإن كانت قليلة
متواضعة.
وفي
الحث على قبول
الهديّة أخرج
البخاري في الأدب
المفرد –
وهو كتاب
للبخاريّ غير
صحيح البخاري
المعروف –
بإسناد صحيح
عن عبد الله
بن مسعود –
رضي الله عنه – عن
النبي –صلى
الله عليه
وسلم- قال:
أجيبوا الداعيَ،
ولا تردّوا
الهديّةَ ولا
تضربوا
المسلمين»
(رقم الحديث: 157).
* *
*
وبما
أن الهدية
غرضها
الأساسي
إدخال السرور على
قلب
المُهْدَىٰ
إليه وكسب
ودّه
وتقديره،
ينبغي أن تكون
الهدية
مُنَاسِبَة
لهواياته
وعمره
والأعمال التي
يُزَاوِلُها،
حتى تكون ذات
نفع له. فمثلاً:
إذا أردتَ أن
تُهْدِيَ
شيئًا إلى
مُدَرِّسٍ،
فلك أن
تُهْدِي إليه
كتابًا ينفعه
في تعزيز
مُؤَهِّله
التدريسي
وإثراء
معلوماته وزياده
تجاربه
التدريسية
وخبراته
العلميّة؛ أو
تُهْدِي إليه
ما يَفْرَحُ
به
ويَتَقَوَّىٰ
به نفسيًّا أو
جسميًّا من
الفواكه
الطازجة أو الجافّة؛
أو تُهْدِي
إليه ما
يُزَيِّن به
غرفةَ
دراسته؛
ليكسب به
الانتعاشَ
لدى التعب أو
السآمة
الناشئين عن
طول الدراسة
أو تحضير الدروس.
وإذا
أردتَ أن
تُهْدِي إلى
كاتب
ومُؤَلِّف شيئًا،
يجوز لك أن
تُهْدِيَ
إليه مما سبق
ذكره ما
تختاره له،
كما يجوز لك
أن تُهْدِيَ
إليه قلمًا
نادرًا
سَلِسًا لدى
الكتابة أو حاسوبًا
محمولاً
يستعين به في
الاطلاع على
المواد
الكتابية
والتأليفية
بأسرع أسلوب
في أقل وقت
ممكن بضغط
أزار مطلوبة
واستخدام
برامج معنيّة.
وإذا
أردتَ أن
تُهْدِي إلى
عالم صالح
شيئًا يناسب
ذوقَه
وهوايتَه،
فقد يجوز لك أن
تختار له
مُصَلًّى
جميلاً
يُبْهِج
نفسَه ويعينه
على أداء
صلوات النفل
والتهجد في
بيته، كما
يجوز أن
تُقَدِّم
إليه
سُبْحَةً أو
كتابًا في
الدين
والأخلاق
والمواعظ
والمعلومات
الدينية، إلى
جانب نوع أو
أنواع من
المأكولات
المُفَضَّلَة،
أو الأغذية
الخفيفة الشهية،
أو الحلاوى
اللذيذة، أو
الفواكه
المُكَسَّرَة
أو الطازجة،
أو الملابس
التي يحبها،
إلى جانب
النقود التي
يحبها كلُّ
إنسان يحتاج
إليها؛ ولكنه
من أجل عفافه
ومروءته لا
ينبس بحاجته
إليها لدى أي
أحد.
وإذا
أحببتَ أن
تُهْدِيَ إلى
طفل يتعلم،
يجب أن تختار
له من الهدية
ما ينفعه في
دراسته،
ويعينه على
تنمية قدراته
الثقافية
ومواهبه
الدراسيّة
مثلاً: أدوات
الكتابة
المتنوعة
الحديثة
الطراز،
ومجموعة ألوان،
ومجموعات
روائية
وقصصية خفيفة
تفتح لديه
شهية الدراسة
وتجعله
مشدودًا إلى
الأعمال
الدراسية،
إلى جانب ما
يُنَمِّي فيه
الفضائل، ويُجَنِّبُه
الرذائل،
ويُزَوِّده
بالأخلاق والآداب،
ويُنْشِئه
إنسانًا
منشودًا
يحتاج إليه
المجتمع،
وينفع
العبادَ
والبلادَ.
وهكذا
ينبغي أن
تختار هدايا
مناسبة لكل
فرد من أفراد
المجتمع
الذين
يتنوّعون
تنوّعَ شؤون
الحياة، فلكل
عمر هواياته،
وكل جنس من
الذكور
والإناث خياراته؛
ولكن هناك
أشياء يحبها
كلُّ فرد أو مُعْظَمُ
أفراد
المجتمع. مثل
الطيب
والريحان. ومن
سمّو الذوق أن
لايردّ
المُهْدَىٰ
إليه أمثالَ
هذه الأشياء
اللطيفة
الجميلة. عن
أنس –
رضي الله عنه – أن
النبي –صلى
الله عليه
وسلم- كان
لايردّ الطيب
(صحيح
البخاري: 2582).
وعن
أبي هريرة –
رضي الله عنه –
قال: قال رسول
الله –صلى
الله عليه
وسلم-: «من عُرِضَ
عليه ريحانٌ
فلا يردّه؛
لأنه خفيف المحمل
طيب الرائحة»
(أحمد:8264؛
والنسائي: 5259).
وقد
تشتد حاجةُ
الناس إلى بعض
الأشياء بعضَ
الأحيان،
فيَتَأَكَّدُ
إهداؤها
إليهم إذا أردتَ
أن تُهْدِي
إليهم شيئًا.
مثلاً: المرضى
الذين ينهاهم
الأطباء عن
تناول جنس من
الحبوب التي يقتات
بها الناس،
يجب أن
تُهْدِيَ
إليهم لدى زيارتك
إيّاهم
الفواكهَ
الطازجةَ
يكون الأطباءُ
قد سمحوا لهم
بتناولها. إلى
جانب الأشياء
التي
تُدْخِلُ على
قلوبهم
السرورَ
والابتهاجَ.
مثل: الطيب
والريحان
وطاقة
الأزهار المُعْجِبِ
لونُها
ومنظرُها.
ومثلاً:
زرتَ قريبًا
أو صديقًا لك
أو رجلاً تربطك
به علاقةٌ في
منطقة
تَقِلُّ أو
تندر فيها المياه
العذبة
الصالحة
للشرب دائمًا
أو في فصل
الصيف، يناسب
لك أن تختار
له للهدية
علبة أو علبًا
من زجاجات
المياه
المُعَبَّأَة،
فيكون لك أجر
عظيم قد لا
تناله في
إهدائك إليه
أشياء أخرى
مهما كانت
غالية. وكذلك
ينبغي أن
تختار
للإهداء ما
تُنْتِجه
منطقتك ولا
تُنْتِجُه
المنطقة التي
تودّ أن تزور
فيها رجلاً ذا
علاقة بك.
مثلاً تسكن في
منطقة زراعية
تكثر فيها
أنواع خاصّة
من الأرز ذات
رائحة
مُبْهِجة أو
أنواع من الفواكه
لاتوجد في
منطقة الرجل،
فينبغي أن تختار
للإهداء إليه
نوعًا من
الأُرْز ذا
نوعية ممتازة
أو فاكهةً أو
فواكه إذا
قَدَّمتَها إليه
استخرجت
الثناءَ عليك
من فمه،
والدعاء لك من
قلبه؛ لأنها
تُنْتِجه
منطقتُك ولا
تُنْتِجُه
منطقةُ
المُهْدَىٰ
إِليه.
وإذا
كنتَ ممن
يُحْسِن
إنتاجَ شيء
أوصنعَه وابتكارَه
بنفسه، فإنه
يَحْسُنُ بك
أن تُقَدِّم
إلى من تريد
أن تُهْدِي
إليه شيئًا،
هديةً من
مُبْتَكَرَاتك،
لأن هذه
الهدية
المُبْتَكَرَة
المصنوعة
بيدك ستترك في
نفس المُهْدَىٰ
إليه من الأثر
البالغ ما لن
تتركه هدية
أخرى. مثلاً:
إذا كنتَ
خطّاطًا،
فأهْدِ إليه
لوحةً جميلةً
رائعةً بخطّ
يدك مشتملةً
على آية
كريمة، أو لا
إله إلا الله
محمد رسول
الله، أو بيت
رائع، أو مثل
حكيم، أو
مقالة مأثورة.
وإذا
كنتَ تُحْسِن
الرسمَ
أوالنحتَ فإن
الهدية من
أعمالك المشتملة
على رسمك أو
نحتك، سيكون
لها في نفس المُهْدَىٰ
إليه أحسنُ
الأثر
وأعمقُه.
* *
*
ويجب
على
المُهْدِي أن
لا يَمُنَّ
بهديته على
المُهْدَىٰ
إليه، بعد ما
يكون قد
أهداها إليه،
مهما حدث بينه
وبينه نزاع أو
خصام وانقطع
حبلُ علاقته؛
لأن ذلك
يتعارض مع
الأدب والخلق
الإنساني
العام، فضلاً
عن الآداب والأخلاق
الإسلاميّة.
وكذلك
لايجوز
للمُهْدِي أن
يُشْعِرَ
المُهْدَىٰ
إليه بأي
أسلوب بأن
الهدية غالية
أو أنها من النوادر
التي لايمكن
الحصولُ
عليها بسهولة،
لأن ذلك
يَكْسِر
خاطرَ
المُهْدَىٰ
إليه، ويجعله
يُسِيءُ
الظنّ بالمُهْدِي
وتجيء
الهديةُ
مُعَاكِسةً
للغرض الأساسيّ
منها، وهو
إدخال السرور
على قلب المُهْدَىٰ
إليـه وتعزيز
العلاقة بين
المُهْدِي
والمُهْدَىٰ
إليه، ويكون
المُهْدِي
إذًا في
الموقف الذي صَوَّرَه
الشاعر
العربي
الكبير
المتنبئ (أبوالطيب
المتنبئ أحمد
بن الحسين
الجعفي الكوفي
الكندي 303-354هـ =
915-965م) بقوله
البليغ:
إِذَا
الْجُودُ
لَمْ
يُرْزَقْ
خَلَاصًا مِنَ
الْأَذَىٰ
فَلَا
الْحَمْدُ
مَكْسُـوبًا
ولَا الْـمَالُ
بَـاقِيًا
والمراد
من «الأذى»في
البيت هو
المَنُّ. يقول
الشاعر: إذا
لم يتخلص
الجودُ من
المنّ به، لم
يحصل الحمدُ ولم
يبقَ المالُ؛
لأن المال
يذهب به
الجودُ، والأذى
أي المنّ
يُبْطِل
الحمدَ؛
فالمانّّ بما
يُعْطِي–
هبةً أو هديةً
أو صدقةً –
غيرُ محمود
ولا مأجور.
قال تعالى:
«لَا تُبْطِلُوا
صَدَقٰتِكُمْ
بِالْـمَنِّ
والْأَذَىٰ»
(البقرة/264).
* *
*
وأخيرًا
لابد أن أذكر
بهذه
المناسبة أنه
لايجوز
للمُهْدَىٰ
إليه أن يقبل
من المهدي
هديةً
تُشَكِّل
رشوةً لإحقاق
باطل أو إبطال
حق، أو
للحيلولة دون
تحقق حق؛
ولذلك
صَرَّحَ
العلماء أنه
يحرم على القاضي
قبولُ الهدية
ممن يقضي
بينهم أو ممن
يظن أنه سيقضي
بينهم، أو ممن
يشفع عنده في
الأقضية.
ومن
ثم لم يقبل
سليمان –
عليه وعلى
نبينا الصلاة
والسلام –
الهديةَ التي
أرسلتها إليه
ملكةُ سبإ
«بلقيس»؛
لأنها كانت
بمنزلة رشوة
هدفت من
ورائها صدَّه –
عليه السلام – عن
دعوته لها
ولقومها إلى
الله تعالى،
فلم تكن
الهدية
لابتغاء وجه
الله، ولم
تقصد من روائها
معروفًا،
وإنما حاولت
بها إيقافَه
عن الجهاد
وإعلاء كلمة
الله وإحقاق
الحق وإبطال
الباطل. وقد
حكى الله
تعالى
إرسالها
بالهدية وردّ
سليمان –
عليه السلام –
لها –
الهدية –
في آياته
البينات،
فقال:
وَإِنِّیْ
مُرْسِلَةٌ إِلَیْهِمْ
بِهَدِیَّةٍ
فَنَاظِرَةٌ
بِمَ یَرْجِعُ
الْمُرْسَلُوْنَ
(35) فَلَمَّا
جَآءَ سُلَیْمَانَ
قَالَ أَتُمِدُّوْنَنِ
بِمَالٍ
فَمَا
اٰتَانِیَ
اللّٰهُ خَیْرٌ
مِمَّا
اٰتَاکُمْ
بَلْ أَنْتُمْ
بِهَدِیَّتِکُمْ
تَفْرَحُوْنَ
(36) ارْجِعْ إِلَیْهِمْ
فَلَنَأْتِیَنَّهُمْ
بِجُنُوْدٍ
لَا قِبَلَ لَهُمْ
بِهَا
وَلَنُخْرِجَنَّهُمْ
مِنْهَا
أَذِلَّةً
وَهُمْ
صَاغِرُوْنَ
(النمل/35-37).
فَصَرَّحَ
لها سليمان –
عليه السلام – أن
القضية ليست
قضية
مُصَانَعَة
أو مُجَامَلَة
أو هديّة
يتبادلها
الملوك،
وإنما هو يريد
إقامة الدين
التي تحتاج في
هذا الموقف
الذي يواجهه
هو إلى الجهاد
بما مَكَّنَه
الله تعالى
منه من الجنود
والقدرات
العسكريّة؛
فإنه يرفض
قبول الهدية
التي هي في
هذا الموقف
الرشوة التي
أرادت بها
منعَه عن
الجهاد.
(تحريرًا
في الساعة
12 من ظهيرة يوم
الاثنين: 17/رجب 1437هـ
الموافق
25/أبريل 2016م)
أبو
أسامة نور
مجلة
الداعي
الشهرية
الصادرة عن
دار العلوم ديوبند
، رمضان –
شوال 1437 هـ =
يونيو – أغسطس
2016م ، العدد : 9-10 ،
السنة : 40